من الكتاب المقدّس

صوت مناد في البرية: أعدوا طريق الرب. قوموا سبله. (متى ٣ : ٣)

 نعم يا رب, سبلنا معوجة, وقلوبنا ملتوية, وعقولنا مائلة عن الحق. فمن لنا بمناد في قفر نفوسنا, وبادية عيالنا وجماعاتنا, وصحراء مجتمعاتنا, الصغيرة والعالمية.

 إفتح قلوبنا يا رب, لنسمع صوتك, ونغني بشارتك, ونرجع إلى سبلك, فنحيا في رضاك وأمانك.

تأملات للبابا بندكتس السادس عشر

الأنانيّة

 إن الأنانية والحبّ الصادق ليسا غير متشابهين وحسب، ولكنهما أيضاً على طرفي نقيض، حيث يلغي أحدهما الآخر. فمن الممكن أن يكون المرء أنانياً خالصاً وأن يكون في نزاع مع ذاته في آنٍ معاً. فغالباً ما تُعزى الأنانية في الواقع إلى نزاع داخلي مع الذات، وإلى محاولة خلق "أنا" أخرى للذات، في حين أن الموقف السليم من الـ"أنا" الذاتية يتطوّر تلقائياً في جوّ من التحرر من الذات. ويجوز هنا الكلام حقيقةً عن حلقة أنثروبولوجية: فبقدر ما نجدّ في طلب ذاتنا دون سواها، ونسعى إلى تحقيق قدراتنا الخاصة، ويشغلنا فقط نجاح الـ"أنا" التي فينا وتحقيق هذه الـ"أنا"، بقدر ما تصبح هذه الـ"أنا" كريهة، ومثيرة للغضب والإشمئزاز. وهي تنشطر إلى آلاف الأشكال ولا تترك في نهاية الأمر سوى استياء وعدم رضى من الذات يؤدي إلى الهروب من الذات واللجوء إلى المخدرات أو غيرها من أشكال الأنانية الإتتحارية المختلفة. وحدها كلمة "نعم"التي تأتيني من الـ"أنتَ" تجعلني قادراً على أن أقول لنفسي "نعم" في الـ"أنتَ" ومن خلالها. فالـ"أنا" لا تحقق ذاتها إلا من خلال الآخر التي هي "أنتَ". وصحيحٌ أيضاً أننا فقط عندما نقبل ذاتنا نستطيع أن نقول "نعم" صادقة لأي شخص آخر. وأن أقبل ذاتي وأن "أحبّها" يفترض وجود الحقيقة وألا نتخلى أبداً عن سعينا لبلوغ هذه الحقيقة.




Leave a Reply.