كيرياليسون كيرياليسون
كريستاليسون كريستاليسون
كيرياليسون كيرياليسون
ياربنا يسوع المسيح انصت الينا
ياربنا يسوع المسيح استجب لنا

ايها الاب السماوي الله ارحمنا
يا ابن الله مخلص العالم ارحمنا
ايها الروح القدس الله ارحمنا
ايها الثالوث القدوس الاله الواحد ارحمنا
ياقديسة مريم صل لاجلنا
يا قديسة والدة الله صل لاجلنا
يا قديسة عذراء العذارى صل لاجلنا
ايها القديس انطونيوس البدواني صل لاجلنا
يابهاء رهبانيه الاخوة الاصاغر صل لاجلنا
يا زنبق الطهاره صل لاجلنا
يا درة الفقر صل لاجلنا
يا مثال الطاعه صل لاجلنا
يا مراة القناعه صل لاجلنا
يا اناء انطلقت منه رائحة العفه صل لاجلنا
يا نجمه تلاءلاءت بالقداسة صل لاجلنا
يا جمال الفردوس صل لاجلنا
يا معلم الحق صل لاجلنا
يا كاروز النعمه صل لاجلنا
يا معزي الحزانى صل لاجلنا
يا شهيدا بالشوق صل لاجلنا
يا رهبة الابالسة صل لاجلنا
يا صانع العجائب صل لاجلنا
يا مرجع الاشياء الضائعه صل لاجلنا
كن غفورا اشفق علينا يارب
كن غفورا استجب لنا يارب
من كل شر نجنا يارب
من كل خطيئه نجنا يارب
من مكايد الشيطان نجنا يارب
من الوباء والمجاعه والحرب نجنا يارب
من الموت الابدي نجنا يارب
بحق القديس انطونيوس البدواني نجنا يارب
بحق محبة نجنا يارب
بحق كرزاته وغيرته الرسوليه نجنا يارب
بحق شوقه الى الشهاده نجنا يا رب
بحق حفظه للطاعه والفقر والعفه نجنا يارب
في يوم الدينونة نجنا يارب

نحن الخطاة نسالك فاسمعنا
ان تقودنا الى التوبه الحقيقة نسالك فاسمعنا
ان تضرم نار حبك الالهي نسالك فاسمعنا
ان تهبنا الندامة الحقيقية نسالك فاسمعنا
ان تمنحنا التواضع نسالك فاسمعنا
ان تعطينا موهبه الدموع نسالك فاسمعنا
ان تمنحنا معرفه الحقائق الالهيه نسالك فاسمعنا
ان تنصرنا على العالم والشيطان نسالك فاسمعنا
ان نقهر اهواء الجسد نسالك فاسمعنا
ان تعضد الملتجئين اليه نسالك فاسمعنا
ان تستجيب لنا يارب نسالك فاسمعنا

يا حمل الله الحامل خطايا العالم انصت الينا يارب
يا حمل الله الحامل خطايا العالم استجب لنا يارب

يا حمل الله الحامل خطايا العالم ارحمنا

ياربنا يسوع المسيح انصت الينا
يا ربنا يسوع المسيح استجب لنا
كيرياليسون كيرياليسون
كريستاليسون كريستاليسون
كيرياليسون كيرياليسون

لنصل
ايها الاله الكلي الرافه يامن يمجد معترفه القديس انطونيوس بتواصل بهاء العجائب الباهرة تعطف
 وهبنا ان ننال بشفاعته ما نطلبه منك بامانه
انت الحي الماللك الى دهر الدهور .امين
ابانا...السلام...والمجد...
 
(وطنه) ابن ليشبونة

لا نملك سوى القليل من المعلومات الأكيدة عن عيلة القديس أنطونيوس، وعن طفولته. ولا لوم على المؤرخين في ذلك. لأن قداسة قديسنا وعظمته تلألأتا أمام عيون الجميع عند موته.


وفي العصر الوسيط كان الناس عموماً يرون في "القديس"، بعين الايمان والدهشة، مختار الله ورجل الايمان والفضيلة الخارقي العادة. ويستشفّون أيضاً أن أعماله كانت لمجد الله ولتسامي البشر.

    القديس هو بشير الحقيقة والمحبّة رجل ارتضى به الله ويفاخر به البشر لأنه يجسد اجمل صفات البشرية، ويشهد لها.

    دونكم لمحة عن سيرة القديس انطونيوس نأخذها من معاصريه. لقد ولد في ليشبونة سنة 1195، بكراً لعائلة شريفة وقوية وغنيّة. وجّهه والداه نحو العلم ليجعلا منه، فيما بعد حاكماً أو اسقفاً. لكن شابّنا، واسمه في العماد فرناند، سرعان ما خيّب طموحات والديه. دعاه الله، فلبّى النداء بغبطة.

    كان يقضي الساعات الطوال مختلياً يصلّي. جاء في إحدى سيره انه يوم كان يتأمّل في كاتدرائية ليشبونة هزم الشيطان برسمه إشارة الصليب على فناء الكنيسة.

الراهب والكاهن

كبر فرناند واصبح شاباً وسيماً وكبرت أيضاً في عيلته، المخاوف على مستقبله، لرفضه القبول بمهنة دنيوية مجاراة لها. لن يعمّر فرناند طويلاً.


وهل كان له سابق شعور بذلك؟ انه، عكس سميّه مار أنطونيوس، الناسك، أبي الرهبان الذي توفي عن مائة عام ونيف، لن يُعطى سوى 36 سنة. كان متوقّد الذكاء وذا طبع لجوج. ففي الخامسة عشرة من عمره، بعد أن فكّر ملياً واستنار بالصلاة غادربيته الفخم، وعيلته المصعوقة بذهابه.


وطلب الدخول في دير القديس منصور، قرب ليشبونة، حيث كان كهنة مار اغسطينوس القانونيّون، وان قديسنا سيحفظ لهؤلاء الرهبان مودة رقيقة، طوال حياته، لأنه مدين لهم بعلومه التي رفعته إلى مستوى الاكليريكيين الأكثر ثقافة في أوروبا، في مطلع الجيل الثالث عشر. غير أن العالم، الذي هجره القديس فجأة، عاود الكرة وأخذ يحوم حول الدير.

فالأول والأصدقاء يهاجمونه لالهائه عن مقصده وإيقاعه في التجربة. فقد أصبحت حياته هنا صعبة جداً، مما عكّر صفو نفسه واجتزأ الكثير من ساعات درسه. فلا بدّ له من التوقف فوراً.


وها هو شابّنا فرناند، بالاتفاق مع رؤسائه، يغادر ليشبونة قاصداً كوامبر عاصمة البرتغال آنذاك، ليقيم في دير آخر من أديرة رهبنته. وانه الآن في هدوء هنا، ولا يزعجه شيء، وليستفيد لمضاعفة دروسه. سيسام كاهناً في الخامسة والعشرين من عمره.

نحو آفاق جديدة

في شهر شباط، سنة 1220 سارت ضجّة في كوامبر Coïmbre ان خمسة مرسلين فرنسيسكان استشهدوا في مراكش بطريقة بربرية. فنقلت ذخائرهم إلى كنيسة الصليب المقدس، في كوامبر، بسعي شقيق ملك البرتغال.


كرّم فرناند رفات هؤلاء الشهداء الجدد، الذين كان قد عرفهم قبيل ذهابهم إلى مراكش، إذ كانوا قد أتوا من امبريا Ombrie البعيدة وعليهم ثوبهم الفقري. غير أن ما أثر في العمق هو بساطتهم ولطفهم وفرحهم وايمانهم الوقّاد، وباستطاعته الآن أن يقابل بين حياتهم هذه وحياته الخاملة في جوّ دير يبدو مكفهراً تحت وطأة الامتثالية والروح التوافقية.


لقد كان يتوق إلى حياة جديدة حيث الإيمان ليس حياة راكدة رتيبة، بل هو انشراح للروح وعطاء، والتزام جسور خصب. قرع يوماً باب الدير فرنسيسكان المنسك القريب من اوليفية Olivais طالبين صدقة. فاستفاد فرناند من هذه المقابلة وجهاً لوجه ليعرض عليهم قصده: "سيغادر كهنة ما اغسطينوس القانونيين للانضمام إليهم، إلى الرهبنة الفرنسيسكانية وللذهاب فوراً إلى مراكش حيث يأمل بدوره أن يسفك دمه شهادة للمسيح".

نال الموافقة بصعوبة كبرى. فغيّر اسمه باسم انطونيوس، ليقطع كل صلة بحياته السابقة. وها هو، بعد فترة وجيزة، فوق قمم الأمواج، في طريقه إلى مراكش.

من افريقيا إلى اسيّزي

ذهابه إلى مراكش كان فاشلاً. ما ان وضع رجله على أرضها حتى انتابه مرض غريب. وعوض أن يذهب إلى الساحات للتبشير بالمسيح اضطر إلى التمدد على سرير حقير فريسة الملاريا.

هكذا تبدّد حلمه الكبير في القيام بالرسالة ونيل الاستشهاد. ولم يبق له سوى مخرج واحد، سبيل المؤمن، أي قبول مشيئة الرب. كان لانطونيوس شخصية قوية، وإرادة حازمة.


وقد كلّفه الكثير فعل الإيمان هذا بإرادة الله. وانتقاله إلى مراكش كان حقاً استشهاداً. لم يقطع المغربة رأسه، بل هو ضحى بنفسه لمّا عدل عن مقصده النبيل ليتبع الرب بتواضع. ودّع أنطونيوس أرض افريقيا العزيزة، إذ لا بدّ له من الرجوع إلى وطنه. لكنّ الله الحاضر والفاعل، يجري تحولاً في التجاه. رياحٌ معاكسة تدفع المركب إلى شواطئ سيسيليا البعيدة.


ومنها يتوجّه ماشياً إلى اسيزي أمطونيوس المريض في جسده،والمعاني نوبة خطيرة في نفسه. هناك يلتقي فرنسيس في عنصرة سنة 1221، كان لقداسة "الفقير الصغير" تأثير عظيم على التلميذذالمجهول. فخرج أنطونيوس منهذا اللقاء أكثر سلاماً واستنارة. من اسيزي إلى رومانية Romagne، إلى منسك "مونته باولو" قرب فورلي. ولأي عمل وجّهوه؟ ليكون الرجل الذي يتكلّم مع الرب وجهاً لوجه،ليصبح قديساً لله.

ربيع الكنيسة

حدد الرب الوقت والقصد. وقلّما يتفق ذلك وساعات البشر ومخططاتهم. في بضعة أشهر، كان أنطونيوس قد دار العالم (العالم المعروف حول البحر المتوسط) من كوامبر إلى مراكش، من سيسيليا إلى أومبريا. ومنا إلى مونته باولو. ثمة في الأعالي سيكون منسياً، لكنه في فرح لأنه تناسى ذاته، وهنا الحرية الكبرى.


قبل أن يرسله الرب لتبشير الآخرين عزم أن يجعله يعود إلى ذاته، إلى أعماق أعماقه. الحياة كلها ليست بشيء بدون القداسة. أو أقلّه بدون الرغبة الحارة في اتباعها. دُعي ناسكنا يوماً للنزول إلى المدينة ليحضر رتبة سيامة كهنوتية. وفي اللحظة الأخيرة لم يكن الواعظ حاضراً. فترجو أنطونيوس ليلقي على الكهنة الجدد بعض الأفكار. وإذا بهم يكتشفون مؤهلاته، موهبة الوعظ عنده.


ومنذ ذلك اليوم أخذ رؤساؤه يرسلونه إلى طرق ايطاليا وفرنسا ليبشر المسيحيين، ناقلاً بشرى الانجيل السعيد. المسيحية تتلقى هجمات قاسية وماكرة من قبل الشيع الهرطوقية. فلا بد من درس تعاليمهم، ونوعية المنحرفين. أنطونيوسشال السلاح، بفضل ثقافته اللاهوتية القوية وطيبته التي لا تعرف الكلل.


وبما أن الكنيسة قد شوّهت وجهها الأخاديد، من سياسة وانحطاط خلقي، ولا مبالاة، أخذ أنطونيوس يكرّس عمله لرفع المسيحيين وتقديسهم. وإذا بفرنسيس يحضر فجأة في آرل Arles سنة 1226 بينما أنطونيوس يلقي عظته.

النور في الظلمات

في سيرة فرنسيس عظة للعصافير، وفي سيرة أنطونيوس عظة للسمك لا تقل عنها شاعرية وطرافة. حذث ذلك على ما يبدو، في ريميني، على شاطئ الادرياتيك. كانت المدينة تحت وطأة الهراطقة. وفور وصول الواعظ إليها أعطى الزعماء كلمة الأمر: تيئيس المرسل بالمصمت، فكان ما أرادوا. لم يجد أنطونيوس أحداً ليوجّه إليه الكلام.


الكنائس مفرغة، والساحات خالية. لا أحد يعير شخصه انتباهاً، ولا أحد يصغي إليه. ها انه يركض هنا وهناك وهو يصلي مختلياً في ذاته. ولمّا اقترب أنطونيوس من البحر نادى جمهوره "تعالي أنت أيتها الأسماك إلى سماع كلمة الله، طالما الرجال المتكبرين يرفضون" أقبل السمك بالمئات، بل الألوف، وبكل ترتيب. أخذت الفضولية مأخذها لدى الهراطقة حتى أنهم تجاوزوا تنبيهات زعمائها، وتبع الفضولية عواطف انذهال وحماس. وقادت التأثرات إلى الندامة والرجوعإلى الكنيسة. أهذا ضرب من الأساطير؟ وما هم ذلك؟ انه تعبير عن حقيقة:


كان أنطونيوس، بثقته الصبورة وإيمانه الذي ينقل الجبال، وبعدم اكتراثه للنتائج الفورية، وبما لديه فطنة ومحبة، يتوصل إلى فتح ثغرة حتى في القوب الأكثر عناداً والمتصلبة حقداً وإيذاء. هذه هي الغلبة التي تقهر العالم: "إيماننا" (1 يو 5/4).

كل للكل

انه يهودي ساخر في رأي البعض، أو هرطوقي عنيد في رأي البعض الآخر. ذلك الرجل الذي، أثناء عظة أنطونيوس حول الافخارستيا، وقف ليبدي اعتراضه:


"سأؤمن بأن المسيح موجود حقاً في البرشانة المكرسة، عندما أرى بغلتي تركع أمام الشعاع "قَبِل قديسنا التحدي". حُرمت البغلة ثلاثة أيام من كل أكل وفي الزمن والمكان المحددين تقدم أنطونيوس بالشعاع بينما كان الهرطوقي، قربه، يجرّ بغلته المترنّحة.

ورغم كون هذه البغلة خائرة القوى بسبب ما تحمّلته من الجوع، فقد تركت الشوفان الشهي الذي قدمه لها صاحبها، لتنحني أمام القربان الأقدس. لا يظنّن أحد أن قديسنا شقّ طريقه بفضل شهرة عجائبه. لقد كان ككل رسول صالح وأمين للمسيح. يربح النفوس بقوة الصلوات، والمثل الصالح، والمجادلات النيّرة والصبورة.

ولم يكن عمل قديسنا مقتصراً فقط على الوعظ. بل ان مهمات أخرى كانت تلقى على كتفيه وتثقلهما. كان له دور قيادي في الرهبنة الفرنسيسكانية.


رئس رهبان ايطاليا الشمالية، وأسس "الدروس اللاهوتية" في الرهبنة، وعلّم في بولونيا، مونبليه، تولوز، وبادوا. والفترات القصيرة المتبقية في تصرفه، كان يقضيها في وضع التآليف التي، أكسبته، بفضل حدسه العميق، لقب "الملفان الانجيلي" في الكنيسة.

خدمة سرّ التوبة

يكفي أن تقرأ كلام أحد معاصري القديس أنطونيوس، لتأخذ فكرة تقريبية عن أيامه المشغولة حتى اللامعقول: لشدة ما كان مأخوذاً بالوعظ والتعليم وسماع الاعترافات، غالباً ما كان يبلغ المساء دون التمكّن من أكل أي شيء. كانوا يتوافدون بالألوف إلى سماع عظاته، وجميعهم بالتأكيد، كانوا يتزاحمون بعد ذلك حول منبر التوبة الذي هو فيه.

لم يكن الدين المسيحي ملطّفاً وعلى وجه التقريب. بل كان فيه حزم وصرامة. وهذا لم يكن ليدخل اليأس إلى قلوب التائبين. وبسبب الساعات الطويلة التي كان يقضيها القديس في كرسي الاعتراف، أصبح جسمه كالخرقة.

أكله قليل يزدرده بسرعة كلية، لا يرتاح إلاّ قليلاً، وصحته آخذة في النحول منذ سفره إلى مراكش. فلا عجب إذاً من أ، يموت في السادسة والثلاثين وبرنامج حياته مثقل بهذا الشكل. كان صيت عجائبه المذهلة ينتقل من فم إلى فم. ان تائباً، أخرسه التأثّر، كتب خطاياه في لائحة طويلة. وبينما كان أنطونيوس يقرأها بنظره، كانت الخطايا تُمحى، عن الورقة بشكل مذهل. رجل آخر هو ليونارد الشاب، رفس أمّه.


فقال لها القديس بحزن: "الرجل التي ترفع ضد الوالدين يجب قطعها" وما ان عاد ليونارد إلى البيت حتى أخذ فأساً وقطع رجله على أثر ذلك الأم يائسة، والعائلة تولول، والجيران في ارتباك. وإذا بأنطونيوس يتدخّل، فيصلي إلى الله بإيمان حار، ويعيد الرجل إلى الساق.

رسول سلام وصلاح

"السلام والفرح معك" هذه كانت تحية الفرنسيسكان الأولين. سلام ووفاق بين السلطة المدنية والسلطة الدينية. سلام وفرح بين الطبقات الممزّقة بالأحاب وحرب العصابات. سلام ووفاق بين البلديات المختلفة المتحاسدة بسبب الكبرياء والمصالح. سلام وتفاهم بين جدران البيت حيث الخلاف والخبث، مرات عديدة يجعلان الجوّ خانقاً والحياة صليباً. كان الجميع يحترمون أنطونيوس كثيراً بسبب قداسته وصيت العجائب المرافق لشخصه، وصفات اللطف، والتفهم، والفطنة المتألقة في جميع أعماله.


ومن الطبيعي أن تكون عائلات عديدة قد التجأت إلى صلاته، وإلى قوّة اقناعه، لتتغلب على صعوباتها. لن يمكننا أبداً معرفة عدد البيوت التي وطّد فيها الثقة والصبر والوئام. كم من المآسي أبعد، أو أقله خفف. وكم من الحوادث المؤلمة لطفها بكلامه المغعم إيماناً، وبتحريضه على التحرر من الأنانية والثأر والحقد وعدم الانسجام.

بلغتنا تقاليد تحاكي الأساطير تطلعنا على ثمرة هذه الرسالة. جعل مرة، مولوداً جديداً يتكلم ليثبت براءة أمه التي شكاها الأب زورا. وفي مناسبة أخرى شفى بأعجوبة امرأة جرحها زوجها جرحاً مميتاً في سورة غضب.

ضد طغيان المال

يتعذر علينا، ونحن في بيئة تختلف كثيراً عن محيط مار أنطونيوس، ان نكوّن فكرة فريبة من الحقيقة، فنعرف ما كل حقل رسالة هذا المرسل الشعبي في الأجيال الوسطى. فور دخوله إحدى المدن كان يحمّل كل شيء، من الخلافات بين الأحزاب، حتى الخصومات ضمن الاكليروس. فاضطر أنطونيوس إلى التكيف مع كل هذهالحالات المختلفة، لخير الجماعة، ولكي يستطيع الانجيل أن يدخل ويحيي ويحوّل الأشخاص والبنيات، في زمن كان معظم الشعب يعيش من الزراعة وتربية المواشي وصيد السمك. قلّة فقط كانت تهتم بالنشاطات الحرفية المتقدّمة، وبالتالي تفتح التجارة طريقاً للتقدم الاقتصادي في أوروبا.


وكان قد ولد حديثاً، لا سيما في بعض نواحي ايطاليا الأكثر ازدهاراً، ما يسمى بالاقتصاد السابق – الرأسمال. كما كانت مجموعة صغيرة من رجال الأ‘مال ناشطة بقوّة، والعملة متداولة، ومكاتب صيرفة، ومصارف أولى تنشأ. وبينما كانت رؤوس الأموال تتجمع، بدأ المرابون أعمالهم المشبوهة. لذا وجّه قديسنا لسانه الناري ضدّ هذه الطبقة الاجتماعية وكانوا أقوياء يخافهم الجميع ويمقتوهم.


شهيرة هي تلك الأ‘جوبة التي اجترحها، لمّا دعي للوعظ في مأتم هؤلاء الأسياد. لقد برهن قديسنا أن الجثة التعيسة لم يكن لها قلب. وقد وجد القلب فعلاً في الخزنة.

المدافع عن المظلومين

كان يدافع عن الفقراء. دائماً وفي كل مكان، يجابه بجبين عالٍ غضب الظلامين، إليكم شهادة أحد معاصري القديس: "ان أنطونيوس الذي تشوق بحرارة إلى الاستشهاد، لم يكن يستسلم أمام أي شخص ولو عرّض حياته للموت. بل يقاوم الطغاة الأكثر خبثاً بشجاعة عجيبة.

هكذا كان القديس أنطونيوس. لم يكن قديساً عادياً قابعاً بطمأنينة في قلايته. ولم يكن كذلك العلاّمة المتجول دوماً بين المنبر والمكتبة،والمتأرجح وسط الكتب الشهيرة والنظريات العلمية. لقد كان الرجل الذي يحترم الحقيقة مهما كلّفه الأمر، يعرف كيف يوازن بين العذوبة والتصلب، وفق الحاجة. لم يتراجع قط أمام انسان، ولا أمام أي كان.


كذلك لم يلجأ قط إلى أية حسابات خسيسة عند وجوب الدفاع عن المظلومين ورفع الصوت عالياً في الساحات لفضح الظلم. تكفي حادثة واحدة: لقاؤه بالطاغية ازلين ذارومانو Ezzelin da Romano، التعيس الشهيرة. حاكت الأسطورة الكثير حول الموضوع، ويا للأسف كان ازلين شخصية مرموقة واقترف جرائم كثيرة، لكن خصومه لم يكونوا أفضل منه. الموالين لبابا أكثر طمعاً وبطشاً من ازلين المولي للامبراطور.

لم تفلح جرأة قديسنا في شيء، وان كانت قد هزّت الطاغية في البداية. فإن حجج السياسة لديه، تغلّبت في النهاية على حجج الطيبة والعدل.

يتأمل مجد المسيح

بعد أن أنهكت أنطونيوس الأتعاب والاستسقاء، شعر بدنو ساعة الرحيل. فاحتفظ لنفسه باضطراباته وسابق شعوره بفضل ما لديه من قوّة تجلّت في شتّى الظروف. وسمو القداسة يجلي الرؤية لتمييز درجات البؤس. قبل أن يقف أنطونيوس أمام الرب، عمد إلى تطهير نفسه بالصلاة والألم، ومن وصمات الضعف البشري. وتسنّى له أن يذهب إلى كامبوسانبيرو Camposampiero قرب بادوا، إلى المنسك الذي قدّمه الكونت تيزو TIZO إلى الفرنسيسكان قرب قصره. وسرعان ما أصبح تيزو المسنّ والمشمئز من حياة سياسية مضطربة جداً تلميذاً متحمساً لقديسنا.


لاحظ أنطونيوس شجرة جوز قوية، وهو في نزهة إلى الغابة. فطلب أن ينصبوا له بين أغصانها المنيعة، كوخاً صغيراً على الطريقة الفرنسيسكانية. وقد أنجز العمل إلى التمام تيزو نفسه.


هناك، على هذا الارتفاع كان قدّيسنا يقضي أيامه بالتأمل. وكان عند المساء يعود إلى المنسك. أما الونت فكان يعود صديقه مع وقوع الليل. وفي أحد الأيام رأى نوراً قوياً يخرج من باب الكوخ المفتوح جزئياً. وإذ خشي أن يكون قد حدث حريق، دفع الباب. وظلّ جامداً أمام مشهد عجيب بدا يعينه. كان أنطونيوس يضم بين يديه الطفل يسوع.


بعد أن عاد من انخطافه ورأى صديقه تيزو شديد التأثر، سأله قدّيسنا ان لا ينشر خبر الرؤية السماوية. بعد موت قدّيسنا، وعندها فقط، كشف الكونت التقاب عمّا كان قد رأى.

إلى ملاقاة الرب

ساعة مغادرة أنطونيوس هذا العالم إلى الآب كانت تقترب وهو ينتظرها ويرحّب بها بإيمان. ظهر يوم الجمعة الموافق 13 حزيران نزل أنطونيوس من قلايته المعلقة بين أحضان الجوز، لتناول الغذاء.

وما ان جلس إلى المائدة حتى انتابه ألم شديد أفقده جميع قواه. وبصوت كالخيط رجا أخوته أن ينقلوه إلى بادوا، إذ كان يودّ أن يموت في ديره الجميل قرب كنيسته العزيزة، كنيسة القديسة مريم، أتى قروي وشدّ ثورين إلى عربته البسيطة فمدد قديسنا عليها. وتحركت العربة غير المريحة بكل تودد، يتبعها الأخ لوفا، رفيق القديس أنطونيوس الملازم له. وما ان مال النهار حتى بلغوا أبواب بادوا.


وكان المريض على آخر رمق. فترجّاه رفاقه الرهبان أن يتوقف في ارشيلآ، في بيت مرشدي دير اللايس. من هناك، من القلاّية الوضيعة ذهب قديسنا إلى ملاقاة الرب.


كان منهكاً ولكن محافظاً على كامل وعيه، لمّا طلب سرّ المصالحة، وسرّ القربان الأقدس وسرّ المرضى. بعد ذلك، ومع آخر نفس، بدأ نشيداً للعذراء:

أيتها الملكة المجيدة، المتسامية فوق النجوم.


"وكان القديس ينظر أمامه، وعيناه شاخصتان". "أبت، ماذا ترى؟" سأله لوقا "أرى ربي" تمتم المحتضر بصعوبة. كان النزاع قصيراً جداً، والفراق هيناً وهادئاً. هكذا، وبعمر 36 سنة فصل عن كرمة الرب واحد من كبار رسل المسيح والانجيل.

قديس العالم كله

نقل جسد قديسنا، على طلبه، إلى الكنيسة الصغيرة، كنيسة القديسة مريم. شاركت المدينة كلها بتشييعه. وفي الليلة ذاتها نوّرت العجائب على ضريحه. وتألقت شهرته كالبرق، فتوافدت الجماهير من كل صوب نحو بادوا. واهتمت السلطات الكنيسة حالاً بهذا الحدث، من أسقف بادوا، جاء دي كونراد، إلى البابا، غريغوريوس التاسع. وكلاهما من أصدقاء قديسنا والمعجبين به.

    في وقت قصير أكملت الدعوى الأبرشية والدعوى الأبرشية والدعوى الرسولية. وقبل Dôme في سبوليتو منح كرامة المذابح لأنطونيوس البادواني. شرع رفاق القديس بمساعدة سكان بادوا وجميع الزوار، وتشجيعهم، ببناء البازليك الفخمة حيث سيوضع باستحقاق وإكرام، رفات القديس أنطونيوس. أخيراً، سنة 1263، نقل قبره إلى الكنيسة الجديدة بحضور القديس بونا فونتورا، وعند فتح النعش وجد لسان قديسنا سليماً. فانتشر التكريم والتعبّد أكثر فأكثر. وأصبح التكريم عالمياً. وقد تجاوز حدود الكنيسة الكاثوليكية. وفي أيامنا هذه، لا يوجد بلد لا يعرفه، ولا مؤمن لا يكرّمه. وعلى الجميع تحلّ صلاة شفاعته، وقوّة النعمة والبركة السماوية.

 
لما كان الله قد أجرى عند ضريح أنطونيوس ، يوم دفنه ـ و كان كما رأينا يوم ثلاثاء ـ الكثير من
العجائب و المعجزات الباهرة ، فقد أستقرت العادة عند المسيحين ، على تخصيص كل ثلاثاء،
لتكريمه و طلب شفاعته .

و قد شاع في بادوا بأن كل من طلب من القديس ،
يوم الثلاثاء أية نعمة ، فأنه ينالها لا محالة ، ما دامت النعمة المطلوبة تلائمه و تمجد الله .

إلاّ أنَّ ما جعل الشعب المسيحي يزداد تمسكاً بالثلاثاء فهو الحادث التالي :
كان بمدينة بولونيا ( أيطاليا ) ... سيدة شريفة ، قد مضى على زواجها 22 سنة دون أن تنجب نسلا .

فلمّا توسلت الى القديس المجيد ، ظهر لها و قال :
" أذهبي كل يوم ثلاثاء الى كنيسة رهُباننا ،
مدة 9 أسابيع متوالية ، ثم تقدمي من سري الأعتراف و التناول ، فأرزقكِ ولداً ".
نفذت المرأة أوامر القديس ، حتى إذا كان الثلاثاء الأخير ، شعرت بالحمل ،

فأطلعت فَرِحةً زوجها ، و لكنه بدلاً من أن يُشاركها فرحتها سخر منها ، و أتهمها بالخيانة .
و لما وضعت ، كان الولد شنيعَ المنظر و مشوه الصورة كالمسخ .
الأمر الذي جعل زوجها يزداد سوء ظن بها . في حين قد أزدادت
هي ثقة بحماية شفيعها المعظم . فطلبت من ثمة أن تحمل ثمرة أحشائها الى كنيسة القديس ،
و توضع على مذبحه .و لما نفذوا رغبتها ،ووضع الوليد المسخ على المذبح ،
لم تمضِ دقائق معدودة ، و أذا بذاك الطفل المسخ يشرع بالبكاء ،
فيبدو تام الخلقة جميل الصورة . فأستولت الدهشة على أهل المدينة كافة ،
و زالت شكوك الزوج الظالمة .
و شاع نبأ هذه المعجزة في أيطاليا كلها و منها في فرنسا و المانيا و أسبانيا الخ ...
و منذ ذلك طفق المسيحيون في كل تلك البلاد يحيون تساعية أيام الثلاثاء،
أكراماً لأنطونيوس البادوي ( قديس العجائب ). ...

ثم أضافوا إليها أربعة ثلاثاءات أخرى ، أتماماً للعدد 13 ،
ذكراً للثالث عشر من شهر حزيران / يونيو ،
الذي وقعَ فيه أنتقال القديس الى السعادة الأبدية الخالدة .


" الصلوات الثلاث التي تقام أكراما لًلقديس أنطونيوس البادوي كل ثلاثاء "
بأسم الآب و الأبــن و الروح القدس الأله الواحـد، آمين *


1ـ أيها القديس أنطونيوس البادوي شفيعنا المعظم ،أنظر الى شقائنا و أرثَ لحالنا .
أرمقنا من علو السماء و تعهدنا بعونكَ . أبعد الآخطارالعديدة التي تحدقُ
بنا أثناء سفرنا من هذه الأرض ، أرض الظلمة وظلال الموت .
و كن لنا مرشداً أميناً ، و ترساً منيعاً ، و معزياً شفيقاً . نجنا من أخطار الروح و الجسد ،
حتى أذا حصلناعلى راحة البال و طمأنينة القلب ، نسعى بنشاطٍ و فرحٍ في أمرِ
خلاصنا الأبدي الذي به تتعلقُ سعادتنا الأبدية , آمـيـن .
( أبـانـا و الـسـلام و الـمـجـد )


2ـ أيها القديس أنطونيوس البادوي الشفيق الحنون ، كُنتَ في حياتكَ على الأرض ،
تبادر بأهتمام الى أغاثة المرضى و المبتلين بالعلل و الأسقام . فكانَ العُميان
و العُرج و يابسو الأعضاء يبرأؤن من كلِ أمراضهم و عاهاتهم ، بمُجرد حُضورِكَ عندهم ،
أو بمسهم طرفِ ثوبكَ.
فنسألكُ الآن ، و أنتَ ممجدُ في النعيم الخالد ، و قلبُكَ مضطرمُ أشّدَ الأضطرام بنار المحبة المقدسة ،
أن تتلطف و تنقذنا من جميعِ الأمراض و الأسقام الجسدية ، أو على الأقل تلتمسَ
لنا نعمةَ الصبرِ و الخضوعِ للأرادةِ اللألهية ، حتى أذا أحتملنا الأوجاعِ و الآلامِ غيرَ متذمرين ،
نحصلُ على خلاصِ نفوسنا ، فنفوزَ بالسعادة الأبدية , آمـيـن
( أبـانـا و الـسـلام و الـمـجـد ) .
ـ أيها القديس أنطونيوس البادوي الحنون و الشفيق المعظم ،
نراكَ مستعداً في كلِ حين لأغاثةِ الملهوفين و أنالةْ المعوزين .
فأنتَ تعلمُ كَثرةَ أحتياجاتنا الروحية و الزمنية .
فبادرْ أذن الى إسعافِنا ، يا شفيعَ المساكين ، و ملاذَ البائسين ، و فرجَ المكروبين .
و أسأل الله نجاتنا من الضيقِ و الشدائد ، أو الجلد و القوة على أحتمالها بصبرٍ و تسليم .
ثم أسأله لناعلى الخصوص النعم الملائمة لحالتِتنا ،
حتى نعيشَ و نموتَ كما يليقُ بعبيدِ المسيح الأمناء . آمـيـن .

( أبـانـا و الـسـلام و الـمـجـد )
 
لقد ولد في ليشبونة سنة 1195 بكرا لعائلة شريفة وقوية وغنية، وسمي فرناند.
كبر فرناند واصبح شاباً وسيماً وكبرت أيضا في عيلته، المخاوف على مستقبله، لرفضه القبول بمهنة دنيوية مجاراة لها. لن يعمّر فرناند طويلاً، لن يعطى سوى 36 سنة. كان متوقد الذكاء وذا طبع لجوج. ففي الخامسة عشرة من عمره، بعد ان فكر مليّاً واستنار بالصلاة غادر بيته الفخم، وطلب الدخول في دير القديس منصور، قرب ليشبونة، حيث كان كهنة مار اغسطينوس القانونيّون. غير ان العالم الذي هجره القديس فجأة عاود الكرة واخذ يحوم حول الدير. فالأهل والاصدقاء يهاجمونه لالهائه عن مقصده وايقاعه في التجربة. فقد أصبحت حياته هنا صعبة جداً، ممّا عكّر صفو نفسه. فلا بدّ له من التوقف فورا.
 وها هو شابنا فرناند، بالاتفاق مع رؤسائه، يغادر ليشبونة قاصداً كوامبر، عاصمة البرتغال انذاك، ليقيم في دير اخر من اديرة رهبنته. وانه الان في هدوء هنا، ولا يزعجه شيء، سيسام كاهناً في الخامسة والعشرين من عمره.

نحو افاق جديدة

لقد كان يتوق الى حياة جديدة حيث الايمان ليس حياة راكدة رتيبة. قرع يوماً باب الدير رهبان فرنسيسكان من المنسك القريب من اوليفيه طالبين صدقة. فاستفاد فرناند من هذه المقابلة وجهاً لوجه مع الفرنسيسكان ليعرض عليهم قصده بأنه سيغادر كهنة مار اغسطينيوس القانونيين للانضمام اليهم، الى الرهبنة الفرنسيسكانية.
نال الموافقة بصعوبة كبرى. فغيّر اسمه باسم انطونيوس, ليقطع كل صلة بحياته السابقة. فانتابه مرض غريب. وعوض ان يذهب الى الساحات للتبشير بالمسيح اضطر الى التمدد على سرير حقير فريسة الملاريا هكذا تبدد حلمه الكبيرفي القيام بالرسالة.
توجه انطونيوس المريض في جسده ماشياً الى اسيزي. هناك يلتقي فرنسيس سنة 1221، كان لقداسة "الفقير الصغير" تأثير عظيم على التلميذ المجهول. فخرج انطونيوس من هذا اللقاء اكثر سلامة واستنارة. من اسيزي الى رومانية الى منسك "مونته باولو" قرب فورلي. ولأي عمل وجّهوه؟ ليكون الرجل الذي يتكلم مع الرب وجهاً لوجه , ليصبح قديساً لله.

ربيع الكنيسة

دعي يوماً للنزول الى المدينة ليحضر رتبة سيامة كهنوتية. وفي اللحظة الأخيرة لم يكن الواعظ  حاضراً. فترجو انطونيوس ليلقي على الكهنة الجدد بعض الأفكار. واذا بهم يكتشفون مؤهلاته، موهبة الوعظ عنده. ومنذ ذلك اليوم أخذ رؤساؤه يرسلونه الى طرق ايطاليا وفرنسا ليبشّر المسيحيين، ناقلاً بشرى الانجيل السعيدة.

النور فى الظلمات

في سيرة فرنسيس عظة للعصافير, وفي سيرة انطونيوس عظة للسمك حيث حدث ذلك على شاطئ في ريميني، كانت المدينة تحت وطأة الهراطقة. وفور وصول الواعظ اليها، اعطى الزعماء كلمة الامر بأن يصيبوا المرسل باليأس عن طريق الصمت، فكان ما أرادوا.
لم يجد انطونيوس احداً ليوجّه اليه الكلام ولا أحد يصغي اليه. فاقترب انطونيوس من البحر نادى جمهوره " تعالي انت ايتها الاسماك الى سماع كلمة الله، طالما ان الرجال المتكبرين يرفضون". أقبل السمك بالمئات، بل بالألوف، وبكل ترتيب.
 اخذت الفضولية مأخذها لدى الهراطقة حتى انهم تجاوزوا تنبيهات زعمائها، وتبع الفضولية عواطف انذهال وحماس. وقادت التأثرات الى الندامة والرجوع الى الكنيسة .

الى ملاقاة الرب

ساعة مغادرة انطونيوس هذا العالم الى الآب كانت تقترب. ظهر يوم الجمعة الموافق 13 حزيران نزل انطونيوس من قلايته المعلّقة بين اغصان الجوز لتناول الغذاء . وما ان جلس الى المائدة حتى انتابه الم شديد افقده جميع قواه. وبصوت كالخيط رجا اخوته ان ينقلوه الى بادوا. وكان المريض على آخر رمق كان منهكاً ولكن محافظاً على كامل وعيه، لمّا طلب سر المصالحة، وسرّ القربان الأقدس وسرّ المرضى.
بعد ذلك، ومع آخر نفس، بدأ نشيداً للعذراء :
ايتها الملكة المجيدة، المتسامية فوق النجوم.

وكان القديس ينظر أمامه، وعيناه شاخصتان. "أبت , ماذا ترى؟" سأله صديقه لوقا، "ارى ربي" تمتم المحتضر بصعوبة ولفظ الروح.

قدّيس العالم كله

نقل جسد قدّيسنا، بناءا على طلبه، الى الكنيسة الصغيرة، كنيسة القديسة مريم
شاركت المدينة كلها بتشييعه. وفي الليلة ذاتها نوّرت العجائب على ضريحه، فتوافدت الجماهير من كل صوب نحو بادوا. واهتمت السلطات الكنسية حالاً بهذا الحدث. قبل مرور عام واحد على موت رسولنا العظيم.
 أقرّ البابا, في 30 أيار 1232، وفي كنيسة القبة في سبوليتو منح كرامة المذابح لانطونيوس البادواني.
شرع رفاق القديس بمساعدة سكان بادوا وجميع الزوار تشجيعهم، ببناء البازليك الفخمة حيث سيوضع باستحقاق وإكرام،  رفات القديس انطونيوس. أخيراً، سنة 1263، نقل قبره الى الكنيسة الجديدة بحضور القديس بونا فونتورا، وعند فتح النعش وجد لسان قدّيسنا سليماً. فانتشر التكريم والتعبّد اكثر فاكثر. واصبح التكريم عالمياً.
 
اليوم الاول: كلمة الله
"الإصغاء الى كلمة الله برغبة هو علامة اختيار كبرى . إن المنفي الذي
يتقصّىالأخبار الآتية من بلده ويستمع اليها بلذة , يظهر عظم حبه لوطنه.
كذلك يمكن القول عن المسيحي الذي يصغي بشوق الى من يكلمه عن الوطن
السماوي, ان قلبه موجه إلى السماء". (مار انطونيوس)
لنصلّ : يا رب : نبتهل إليك, فاجعلنا بشفاعة مار أنطونيوس الملفان
الإنجيلي, ورسول الحقيقة : نصغي الى كلمتك من كل قلبنا, ونحفظها بأمانة ،
بيسوع المسيح ربنا.
اليوم الثاني: حكمة الصغار
"هم الفقراء والبسطاء والودعاء من عندهم عطش الى كلمة الحياة ، وظمأ
الى مياه الحكمة. وبالعكس، فالعاتبون الذين يسكرون بكأس الاثم الذهبية,
وإلمدعون العلم, ومستشارو العظماء. لا يدعون أحداً, صدّقوني، يبشرهم
بالرسالة الإلهية ". (مار أنطونيوس)
لنصلّ : يا رب ,رب السماء والارض , نرفع اليك الشكر,لأنك
حجبت اسرار ملكوت السماوات عن عظماء هذا العالم,وحكمائه, وكشفتها
للصغار. إجعلنا أهلاً لأن نخدمك بأمانة, بيسوع المسيح ربنا
اليوم الثالث : تعليم المسيح
"لماذا كثيرون لا يصغون طوعاً إلى كلمة المسيح؟ يجب التفتيش عن السبب في كون تعليم الرب لا يستخدم نغم التملق ولا يطري الخطأة,ولا يعد بخيرات ارضية,بل يوبّخ بقسوة ,ويعلّم اماتة الجسد واحتقار العالم".
لنصلّ : ايها الرب الهنا,اجعلنا, بدافع من كلام قديسيك,نتقبّل نصائحك
بنفس طاهرة ، ونتحد بك, بقلوب منسحقة ,انت الاله الحقيقي وحدك,من يحيا ويملك الى ابد الابدين.
اليوم الرابع : العلم الإلهي
"في العهد القديم , وفي العهد الجديد,يوجد ملء العلم الذي وحده,
يكوّن الحكماء. هذه الكلمات تحمينا من المجد الباطل,ومن تجارب العالم,ومن
اهواء الجسد ... انها المعرفة الفريدة,التي تعلّمنا ان نحب الله ,ونحتقر العالم,
ونسيطر على اهوائنا".(مار أنطونيوس)
لنصلّ : ايها الرب الإله بشفاعة مار أنطونيوس البادواني, حرّرنا من ثقل
طبيعتنا, واملأنا من العلم الإلهي, بالمسيح مخلصنا.
اليوم الخامس : عذوبة الله
"عندما تختبر عذوبة الله , تنبت فيك افكار مقدسة. إن البلور,عندما تخترقه اشعة الشمس,يعكسها.هكذا المؤمن يشعّ بكلامه ومثاله,فينير القريب".(مار أنطونيوس)
لنصلّ : اجعلنا يا رب,ونحن نسير على خطى واعظنا القديس,نكتشف عذوبتك,ونضرم قلوب المؤمنين بك,بحياة متألقة بحضورك.نسألك ذلك بابنك يسوع المسيح الذي يحيا ويملك معك بوحدة الروح القدس,الى ابد الابدين.
اليوم السادس : الحياة المسيحية
"من يعلن بحياته ما يعبّر عنه بأقواله ، يتكلم جيداً. من يوزع بامانة خبز كلمة
الله, ولا يخفي شهادة الحقيقة ,يكون مباركاً الآن وعلى الدوام. قال المسيح :
"أنا الحقيقة ". فمن يكرز بالحقيقة يعلن المسيح. ومن يصمت عن قولها, ينكر
المسيح ". (مار أنطونيوس).
لنصلّ :يا رب,انك توزع علينا خبز كلمتك بواسطة خدامك.اجعلنا نقتبلها بقلب طاهر,ونعلنها للعالم على شرفك,ايها الاب لخلاص اخوتنا.انت الذي يحيا ويملك الى ابد الابدين.
اليوم السابع : المسيح الصبور
"التأمل بالمسيح الصبور وتذكّر آلامه يجعلاننا غير متأثرين بأفراح هذه
الأرض , وأشواقها... إذا نظرت بعين الايمان الى الله المتألم على الصليب ,
والمثقوب بالمسامير. والمسقى خلاً ومراً, عندئذ,يفقد كل شيء هنا على الأرض
سحره بالنسبة إلي. واشعر شعوراً حيّاً بأنني لست شيئاً ".(مار أنطونيوس).
, ايها الرب يسوع المائت والمنبعث لأجلنا, إجعلنا ندخل في سرّك
لنصلّ :
ونتخلى عن كل شيء, بعيشنا تخليك على الصليب , لنشارك في فرح قيامتك
انت الذي يحيا و ويملك الى ابد الابدين.
اليوم الثامن : قيمة الوقت
منحك الرب وقتآ لتحقق خلاصك . هذا الوقت المسلّم اليك , لقد تملكته "
سيأتي يوم يسترجع فيه الرب منك كل ما اخذته منه . لا تخسر الوقت الذي
اوكله إليك , صلاح الرب ، كي تنال الغفران , وتكتسب النعمة وتمارس التوبة,
فتستحق المجد". (مار أنطونيوس).
لنصلّ : ايها الإله ، لقد أعطيتنا بمنّة منك , ان نعيش هذه السنوات . إجعلنا
نحياها بنشاط ونملأ هذا الوقت بأمور تدوم الى الأبد : بيسوع المسيح ربنا.
اليوم التاسع : الالتزام التقشفي
"علينا ان نهتم بنفسنا لئلا يتحقق فينا قول سليمان : "مررت بحقل الكسلان
فكان العوسج يغطيه ".حيث الكسل ، هناك تنبت الأشواك . علينا ان نزرع في
نفسنا كلام الله , نزرعه مع اشجار الفضيلة ,فنجعلها مخضرة كالراعي - الشوق
الى الحياة الأبدية- ونجملها بالزهور المتنوّعة , أمثلة القديسين".(مار أنطونيوس).
لنصلّ :يا رب بشفاعة خادمك الأمين, قديس بادوفا,امنحنا ان نجعل
كلام الله مثمراً فينا. وان نملأ حياتنا بالأعمال الصالحة,انت الذي يحيا ويملك مع المسيح في وحدة الروح القدس,الاله الى اجيال لا تنتهي
اليوم العاشر. حياة النعمة
"النفس الامينة تريد ان يدعى "نعمة" كل عمل من اعمالها.لان العمل
الصالح هو عطية من النعمة, والنفس ترغب في ان تحفظه مع تلك . بينما ميولنا السيئة
وعواطفنا غير المرتبة , لا تريد ان يكون كل عمل من اعمالنا "نعمة",بل
كبرياءً, ودنساً, ومصلحةً ... فليكن عملنا مرضياً, ومملوءًا نعمة وعائداً دائماً الى فضل الذي اعطانااياه ". مار أنطونيوس
لنصلّ: ايها الرب الهنا,نسألك بشفاعة القديس أنطونيوس ,ان تجعل عملنا ثمرة لنعمتك وعلامة لحبك بيسوع المسيح مخلصنا
اليوم الحادي عشر. تسليم الذات
"اذاكنت تريد ان تتبع المسيح وتبلغ إليه , عليك ان تسلّمه ذاتك . ما معنى
تسليم الذات ؟أن لا نثق بذواتنا,ونحن مقتنعون من عدم كفاءتنا.ان نحتقر
ذواتنا كخلائق مزعجة وحقيرة . ان لا نزيد من قدرنا،بل ان نرى ذاتنا كما
نحن ,وان نبقى دائماً صغاراً,مسلمين انفسنا كلّياً الى الله."(مار انطونيوس).
لنصلّ : بتشجيع من كلام القديسين ,نسألك يا رب ان نعيش متناسين
ذواتنا, ومتذكرينك انت وحدك , يا من يحيا ويملك الان والى الابد.
اليوم الثاني عشر: بستان النعيم
"البستان ينتج في كل فصل شيئاً ما. بينما باقي الأراضي لا تغلّ عادة الا
مرّة واحدة في السنة . فالبستان لا يخلو ابداً من الثمر. هكذا نفس البار،تغلّ
باستمرار,ولا ترى ابداً بدون ثمر. "الحبيب" ابن الله, المشع بالنعمة,ينزل اليه
ويرتاح في نقاوته ".(مار أنطونيوس)
لنصلّ : ايها اله الكلّي القدرة,انك تهيّء لك مسكناً لائقاً في قلب مؤمنيك,تنازل وهيّء روحنا لاستقبالك
اليوم الثالث عشر: اورشليم السماوية
"يجب ألا نتلفت يمنة أو يسرة ، بل ان نسير باستقامة في الطريق الملكي.
لا تنظر الى حياة هذا او ذاك ، ولا إلى تصرّفاته , لأنك إن حوّلت نظرك إلى
غير الله . او إلى ذاتك, عرّضت نفسك للهلاك . لا تتلّفت,بل حدّق إلى
اورشليم السماوية , التي تسير نحوها. إحفظ في قلبك هذا الرجاد, تكن دائماً
صديق الله".(مار انطونيوس)
لنصلّ :ايها الرب الإله الكلي القدرة , لقد خلقتنا لك ,ويبقى قلبنا قلقاً
إن لم يسترح فيك. امنحنا, نحن اولادك , ان نسير بحماس نحو الوطن
السماوي, بالمسيح ربنا
 
اذكر ايها القديس انطونيوس الكلّي الطوبى والمجد تلك المحبة الجزيلة التي بها كنت تنعطف نحو الشبان المسيحيين.اذكر انك كنت على مثال يسوع ترغب من كل قلبك في ان يأتي حولك الاطفال والشبان لتعلّمهم وتباركهم.اذكر اطفال بادوا الذين كانوا اول من اخبروا بموتك بين الصراخ والبكاء قائلين: مات القديس ,مات القديس.ونستحلفك بحق تلك المحبة ان تنعطف بنظرك الشفوق الى حماية وحراسة شبّانك واطفالك وان تباركهم دائماً.


وها نحن نكرّس لك ذواتنا يا ابانا الجزيل الحب واليك نقدّم عقولنا وكل ما لنا . فتنازل واستجب لطلباتنا عند التجائنا اليك: قوّ ايماننا , احي رجاءنا, اشعل نار محبتك في قلوبنا,

احفظنا دائماً تحت كنف حمايتك.بارك رؤسائنا وبارك اعمالنا وعيالنا واحرسها,وكل رفاقنا الحاضرين والغائبين,نجّنا واياهم من اخطار هذا العالم الشرير.

اجعلنا ننمو في الفضائل المسيحية حتى نموت ميتة الابرار القديسين, ونستحق ان نكون شركاءهم في المجد السماوي.آمين
 
الطلبة الاولى:

ايها القديس المعظّم انطونيوس البادواني,يا من سرّ به الباري سروراً عظيماً لطهارته الملائكية,حتى انه افاض عليه افضل النعم الالهية.اننا نلتجىء اليك الآن مستغيثين بك, ونسأل حنوّ قلبك النقي ان ترمقنا بنظرك العطوف,وتلتمس لنا من الله تعالى كل ما نحتاج اليه للفوز بخلاص نفوسنا.




واننا نسألك على الاخص بحق نقاوة قلبك الطاهر : ان ترثي لحالنا وتبعد عنا كل ما يمكن ان يدنّس فينا فضيلة الطهارة والا تسمح ان ينتصر علينا الروح النجس . فاكراماً وحبّاً بآلام المخلّص وموته اطفىء من قلوبنا لهيب الشهوات المنحرفة. فلا ترفض طلبتنا هذه,يا زنبق الطهر والعفاف,بل استجب لنا ,حتى اذا نلنا منانا نستطيع ان نسلك بأمان في هذا العالم الفاني منزهين عن الادناس,فنفوز بحظ الانقياء والاطهار ونتمتّع معك بمشاهدة يسوع المسيح في المجد الابدي.آمين.
)مرة ابانا والسلام والمجد(



الطلبة الثانية:


ايها القديس المعظّم,يا من اوتي من الله حكمة سامية اطلعته على بطلان الاشياء الزائلة كافة فجرّدت قلبه تجريداً تاماً عن كل المخلوقات , لينقطع الى السعي وراء ما يؤول لمجد الخالق تعالى ,فصارت لديه من ثمّ كل الخيرات الارضية اقذاراً حبّاً واقتداء بالمسيح.

اننا نلتجىء اليك ملتمسين شفاعتك ان تلتمس لنا نوراً وحكمة بهما نطّلع حق الاطّلاع على بطلان خيرات هذه الدنيا,فلا تعود تغوينا بمواعيدها الكاذبة وتشغف قلوبنا بمحبة خيراتها الفانية المضرة بنفوسنا. فاجعلنا اذاً ايها القديس المضطرم بنار الحب الالهي ان نكون حكماء بالحكمة السماوية فنعرف ان جميع الاشياء باطلة ونبتعد عن كل ما يعيقنا عن محبة الله عزّ وجلّ , ونحتقر كل خيرات الدنيا وامجادها الباطلة .


وهكذا اذا ما جرّدنا قلوبنا عن محبة هذا العالم نضحي اهلاً لامتلاك السعادة الموعود بها المساكين بالروح. آمين.
)مرة ابانا والسلام والمجد(




الطلبة الثالثة:


ايها القديس المعظّم , الذي قد علّمه الحق سبحانه وتعالى : ان كل الاشياء التي تحدث في العالم انما تحدث بترتيب وتدبير العناية الالهية من اجل خير نفوسنا,وان لا ورقة تحرّكها الريح الا باذنه تعالى.ولذلك قد فوّضت امورك كلها الى عناية الخالق,وسلّمت ارادتك اليه تسليماً تاماً ,حتى انك لم ترد في مدة حياتك كلها شيئاًَ ما لم يكن مطابقاً لمشيئته القدّوسة.

فها نحن لاجئون اليك الآن ملتمسين حمايتك ان تلتمس لنا النعمة لكي نكون مستعدين دائماً لقبول كل ما ترتّبه وتدبّره لنا الحكمة الازلية.فعلمنا اذن ايها القديس المحبوب هذا العلم السامي , هو ان نحسن الاقتداء بربنا يسوع المسيح الذي احتمل الالام وعذاب الصليب انفاذاً لامر ابيه السماوي,ورغبة في تشجيعنا نحن الخطأة على تحمّل مشاق هذه الحياة الفانية بصبر جميل وتسليم الارادة الى الاحكام الالهية.

واما انت يا يسوع فادينا,الذي اعطانا القديس انطونيوس قدوة في الصلاح والقداسة ,اننا نشكرك من صميم قلوبنا على هذه المنّة,ثم نسألك ان ننتفع بشفاعته الان وهو في السماء,كما انتفعنا في زمن حياته على الارض بارشاده ايانا الى الطريق المؤدي الى السعادة الدائمة. آمين.


(مرة ابانا والسلام والمجد(
 
صليب المسيح مرآة المسيحي

بحسب القديس أنطونيوس البادواني


تحدث الأب الأقدس في معرض تعليم الأربعاء عن القديس أنطونيوس البادوفاني (البادواني)، أو كما تتم تسميته أيضًا، أنطونيوس من ليسبونا، إشارة إلى مدينة مولده.

 

ووصفه البابا بـ "أكثر القديسين شعبية في كل الكنيسة الكاثوليكية" إذ لا يتم تكريمه في بادوفا وحسب بل في كل العالم.

بعد أن سرد البابا سيرة أنطونيوس ودخوله رهبنة القديس فرنسيس (ولقائه بفرنسيس أيضًا) تحدث عن أهميته، أولاً بالنسبة للرهبنة الفرنسيسكانية. فقد أسهم أنطونيوس بشكل حاسم في نمو الروحانية الفرنسيسكانية، بواسطة ذكائه الثاقب، اتزانه، حماسته الرسولية، وخصوصًا اتقاده الصوفي.

وذكر الأب الأقدس أن بيوس الثاني عشر قد أعلنه ملفاتًا للكنيسة الجامعة في عام 1946سابغًا عليه لقب "الملفان الإنجيلي"، لأن كتاباته تنضح بعذوبة وجمال الإنجيل.

مواقف الصلاة
وتوقف الأب الأقدس على استعراض تعليم أنطونيوس حول الصلاة فذكر أن هذه الأخيرة ما هي بالنسبة لأنطونيوس إلا علاقة حب، تدفع الإنسان إلى الحوار العذب مع الرب، في مناخ من الفرح يملأ النفس بدفء خاص.

ويوضح أنطونيوس أن ليست الحالة الخارجية هي التي تقرر قيمة ومعنى الصلاة بم الموقف القلبي. قال الأب الأقدس في هذا الصدد: "الصلاة بحاجة إلى مناخ صمت لا يتعلق بالانفصال عن الضجيج الخارجي، بل هو خبرة داخلية، تهدف إلى إزالة التشتتات التي تولدها اهتمامات النفس".

ويشمل أنطونيوس في الصلاة الحقة أربعة مواقف: انفتاح القلب بثقة على الله، التحاور معه بعطف، تقديم حاجاتنا إليها، تسبيحه وحمده.

ويشرح أن المحبة هي ركيزة ليس الصلاة وحسب بل كل الحياة المسيحية: "المحبة هي روح الإيمان، هي التي تحييه؛ من دون المحبة، يموت الإيمان".

غنى الفقراء
وعلى صعيد آخر، في زمن بدأت في المدن بالازدهار، وتزايد عدد الفقراء، مع تزايد عدد اللامبالين نحوهم، كان أنطونيوس يدعو إلى التفكير بالغنى الحق، غنى القلب، الذي يجعل الأشخاص صالحين ورحماء، ويجمع كنوزًا للسماء. كان يحض الناس بالقول: "أيها الأغنياء، صيروا أصدقاء للفقراء، استقبلوهم في بيوتكم: وسيكون الفقراء هم الذين سيستقبلوكم في المنازل الأبدية، حيث جمال السلام، ثقة الأمن، وغنى هدوء الاكتفاء الأبدي".

المسيح المصلوب مرآة الإنسان

ثم تطرق البابا أخيرًا إلى بعد آخر يميز اللاهوت الفرنسيسكاني وهو "محورية المسيح". وشرح أن أنطونيوس كان يتأمل بطبية خاطر، ويدعو إلى التأمل بأسرار بشرية الرب، وبشكل خاص، سر الميلاد، الذي يولد مشاعر حب وعرفان نحو الصلاح الإلهي.

وإلى جانب التأمل بالميلاد، كان أنطونيوس أسوة بسائر التقليد الفرنسيسكاني مولعًا بالتأمل بالمسيح المصلوب، الذي يعبر عن حبه للبشرية لما تحمله لأجل الإنسان من قِبَل الإنسان، فيقول: "المسيح، الذي هو حياتك، هو معلق أمامك، لكي تنظر إلى الصليب كمرآة. هناك يمكنك أن تعرف كم كانت جراحك مميتة حتى أن ما من دواء يستطيع شفاءها، إلا دم ابن الله. إذا نظرت جيدًا، يمكنك أن تحدس ما أعظم قيمتك وكرامتك البشرية... ليس هناك مكان آخر يستطيع الإنسان أن يجد فيه قدر قيمته، أكثر من النظر في مرآة الصليب"
 
اليوم الأول حب الصمت
أيها القديس أنطونيوس. يا من نشرت العزلة خلال اتعابك الرسولية ,لتستسلم إلى الصلاة

، وتستغرق في التأمل، صنّا من كثرة الحركة والضجة أعطنا ان نتذوّق الصلاة . علّمنا أن نسبح الله كما كنت تسبحه ، وأن نكلّمه كما كنت تكلّمه . ولينفتح قلبنا، مثل قلبك على غنى الحب الإلهي .
ابانا والسلام والمجد


اليوم الثاني


 الأمانة
أيها القديس أنطونيوس ، بأمانتك للإنجيل أصبحت ملح الأرض ونور العالم والكنيسة. امنحنا هذه الأمانة السخية عينها، لكي تكون حياتنا مملؤة من الأعمال الصالحة . وبذلك يعود كل المجد إلى الآب السماوي.
ابانا والسلام والمجد

اليوم الثالث

 التسبيح
أيها القديس أنطونيوس، يا من لم يعرف لسانه البلى لأنه لم يكفّف عن تسبيح الرب ولا عن دعوة الناس إلى تسبيحه. تلطّف وامنحنا ان نشاركك التسبيح ونعلن يسوع المسيح كل أيام حياتنا.
ابانا والسلام والمجد

اليومالرابع

معرفة الله
أيها القديس انطونيوس، يا من طلب إليه الأخ فرنسيس الأسيزي إلقاء دروس اللاهوت على أخوة الرهبنة الأوائل ، وحثهم على روح الصلاة والعبادة. افتح عقلنا وقلبنا على معرفة أسرار الله . وساعدنا على التفتيش دائماً عن الحقيقة ، وعلى العيش في طاعة الكنيسة.
ابانا والسلام والمجد



اليوم الخامس

حبالفقراء
أيها القديس أنطونيوس المشهور كـ "قديس الجميع". كنت تحب الصغار والفقراء. إجعلنا نتصرف كأخوة لجميع المتألمين لكي يولد الرجاء فيهم من جديد، ويكتشفوا طريق الفرح .
ابانا والسلام والمجد

اليوم السادس


طيبة القلب
أيها القديس أنطونيوس، لقد غرفت طيبتك من قلب يسوع الطفل الذي حملته بين ذراعيك . هبنا، مع لطف المتواضعين، حماس فعلة السلام وصفاء الأطهار، وسخاء الرحماء. علّمنا أن ننظر إلى أمثالنا بحسن التفات ، وأن نحبهم من كل قلبنا .
ابانا والسلام والمجد

اليوم السابع


المشاركةفي آلام المسيح
أيها القديس أنطونيوس ، إنك تدعونا لكي نكتشف قيمة حياتنا في صليب المسيح . وأن نسبر عمق جرحنا القادر على شفائه دم ابن الله وحده . ساعدنا على فهم الحب الذي ننعم به، وتقديم آلامنا لخلاص العالم .
ابانا والسلام والمجد

اليوم الثامن

الصلاة الى مريم
أيها القديس أنطونيوس ، كنت تحبّ مريم أم يسوع بكل عذوبة , وتدعوها " السيدة المجيدة وباب السماء".  وكنت تلتجىء إليها كل يوم , وبخاصة في الساعات العصيبة . نريد معك ان نلتجىء اليها بتواضع . ونضع فيها كل ثقتنا مسلّمين ذواتنا لحسن عنايتها .
ابانا والسلام والمجد

اليوم التاسع


مار أنطونيوس شفيعنا
أيها القديس أنطونيوس، المرتفع إلى مجد السماء, إشفع بنا لدى يسوع ومريم . كن لجميعنا الصديق الوفي ، والمتنبّه إلى حاجاتنا. سيّرنا وسط أفراحنا وأحزاننا، على الطريق الموصل إلى الله. ولتنفتح امامنا أخيراً أبواب الملكوت.
ابانا والسلام والمجد
 
 أتحدث عن قديس آخر ينتمي إلى الجيل الأول من الإخوة الأصاغر: أنطونيوس البادواني، أو كما تتم تسميته أيضًا، أنطونيوس من ليسبونا، إشارة إلى مدينة مولده. نحن بصدد أحد أكثر القديسين شعبية في كل الكنيسة الكاثوليكية، والذي يتم تكريمه ليس فقط في بادوفا، حيث بُنيت بازيليك رائعة تستقبل ذخائره الفانية، بل في كل العالم. إن تماثيله وصوره محببة إلى المؤنين، إذ تمثله حاملاً الزنبق، رمز طهارته، ومع الطفل يسوع بين ذراعيه، كتذكار للظهورات العجيبة التي تذكرها بعض المراجع. لقد أسهم أنطونيوس بشكل حاسم في نمو الروحانية الفرنسيسكانية، بواسطة ذكائه الثاقب، اتزانه، حماسته الرسولية، وخصوصًا اتقاده الصوفي. ولد في ليسبونا، من عائلة نبيلة نحو عام 1195، تعمد آخذًا اسم فرديناندو. دخل جمعية القاونينيين التي كانت تتبع قانون القديس أغسطينوس، أولاً في دير القديس فينشنسيوس في ليسبنونا،
ومن ثمّ في دير الصليب المقدس في كويمبرا، الذي هو مركز ثقافي شهير في البرتغال. انكب باهتمام وثبات على درس الكتاب المقدس وآباء الكنيسة، وحاز على معرفة لاهوتية أتت بثمارها في عمل التعليم والوعظ. وحدث في كويمبرا أمر شكل تحولاً جذريًا في حياته: ففي عام 1220 تم عرض ذخائر أول خمس شهداء فرنسيسكان، كانوا قد وافوا المغرب، حيث لقوا الاستشهاد.
ولد الخبر في نفس الشاب فرديناندو الرغبة بأن يقتفي اثرهم والتقديم في سبيل الكمال المسيحي: طلب إذًا ترك رهبنة القانونيين الأوغسطينيين لكي ينضم إلى الإخوة الأصاغر. تم قبول طلبه، وأخذ اسم أنطونيوس، وانطلق هو أيضًا إلى المغرب، ولكن تدبير العناية الإلهية كان مختلفًا. اضطر إثر مرض أصابه أن يعود أدراجه إلى إيطاليا في عام 1221، حيث اشترك في "مجمع البُسط" في أسيزي، حيث التقى بالقديس فرنسيس.
في وقت لاحق، عاش بعض الوقت في تخفٍ كامل في دير بالقرب من فورلي، في شمال إيطاليا، حيث دعاه الرب إلى رسالة أخرى. إذ دعي للوعظ صدفة خلال سيامة كهنوتية، أظهر براعة في العلم والكلام، فأفرزه الرؤساء للوعظ. وبدأ بهذا الشكل في إيطاليا وفي فرنسا عملاً رسوليًا مكثفًا وفعالاً دفع عددًا غير يسير من الأشخاص، كانوا قد ابتعدوا عن الكنيسة، إلى الرجوع عن خطواتهم.
وكان من أوائل معلمي اللاهوت عند الإخوة الأصاغر، وربما كان الأول على الإطلاق. بدأ بالتعليم في بولونيا، ببركة من فرنسيس، الذي اعترف بفضيلة أنطونيوس، وأرسل إليه رسالة مقتضبة، تفتتح بهذه الكلمات: "يسرني بأنك تعلم اللاهوت للإخوة".
وضع أنطونيوس ركائز اللاهوت الفرنسيسكاني الذي سينمي شخصيات بارزة أخرى، والذي سيصل إلى قمته في القديس بونافنتورا من بانيوريجو، والطوباوي دنس سكوتس. وإذ صار رئيسًا إقليميًا للإخوة الأصاغر في إيطاليا الشمالية، تابع خدمة الوعظ، مناوبًا ذلك مع خدمة الإدارة.
وبعد أن أتمّ خدمته كرئيس إقليمي، اعتزل في بادوفا، حيث كان قد تردد مرات أخرى.
وبعد نحو عام، مات عند أبواب المدينة، في 13 يونيو 1231. وبادوفا، التي كانت قد استقبلته بعطف وتكريم في حياته، خصته بإكرام وتقوى دائمة. والبابا غريغوريوس التاسع، الذي بعد أن أصغى إلى وعظه كان قد وصفه "تابوت العهد"، أعلن قداسته في عان 1232، بعد عجائب تمت بشفاعته. في الفترة الاخيرة من حياته، كتب أنطونيوس دورتين من العظات، عنوانها "عظات الأحد" و "عظات حول القديسين"، مكرسة للوعاظ ولمعلمي المدارس اللاهوتي في الرهبنة الفرنسيسكانية. يعلق فيها على نصوص الكتاب المقدس التي تقدمها الليتورجية،
مستخدمًا التفسير الآبائي-الوسيطي ذي المعاني الأربعة: الحرفي أو التاريخي، التشبيهي أو الكريستولوجي، الأدبي أو الأخلاقي، والأخيري الذي يتعلق بالحياة الأبدية.
نحن بصدد نصوص لاهوتية-وعظية، يتردد فيها صدى الوعظ الحي، الذي يقدم بواسطته أنطونيوس مسيرة حياة مسيحية. إن العظات تذخر بغنى التعاليم الروحية، ولذا أعلنه البابا بيوس الثاني عشر، في عام 1946، ملفانًا للكنيسة، سابغًا عليه لقب "الملفان الإنجيلي"، لأن تلك الكتابات تنضح بعذوبة وجمال الإنجيل؛
وحتى اليوم نستطيع أن نقرأها ونستمد منها فائدة روحية كبيرة. يتحدث أنطونيوس في هذه العظات عن الصلاة كعلاقة حب، تدفع الإنسان إلى الحوار العذب مع الرب، خالقًا الفرح الذي لا يوصف، والذي يشمل بدفء النفس المصلية.
يذكرنا أنطونيوس أن الصلاة بحاجة إلى مناخ صمت لا يتعلق بالانفصال عن الضجيج الخارجي، بل هو خبرة داخلية، تهدف إلى إزالة التشتتات التي تولدها اهتمامات النفس.
بحسب تعليم هذا الملفان الفرنسيسكاني الرفيع، الصلاة تتألف من أربعة مواقف لا تنفصل، والتي يقدمها أنطونيوس باللاتينية هكذا: obsecratio, oratio, postulatio, gratiarum actio. يمكننا أن نترجمها بهذا الشكل:
انفتاح القلب بثقة على الله، التحاور معه بعطف، تقديم حاجاتنا إليها، تسبيحه وحمده. في هذا التعليم في الصلاة نجد أحد خصائص اللاهوت الفرنسيسكاني الذي كان أنطونيوس من رواده، أي الدور الذي يُرسى للحب الإلهي،
الذي يدخل في إطار العواطف، الإرادة، القلب، والذي هو أيضًا المنهل الذي تصدر عنه المعرفة الروحية، التي تتجاوز كل المعارف. يكتب أنطونيوس أيضًا: "المحبة هي روح الإيمان، هي التي تحييه؛ من دون المحبة، يموت الإيمان" (Sermones Dominicales et Festivi II, Messaggero, Padova 1979, p. 37). وحدها النفس التي تصلي تستطيع أن تتقدم في الحياة الروحية:
هذا هو الموضوع المفضل في وعظ أنطونيوس. فهو يعرف جيدًا عاهات الطبيعة البشرية، والميل إلى السقوط في الخطيئة، ولذا يدعو باستمرار إلى محاربة الميل إلى الطمع، الكبرياء، الدنس، وإلى عيش فضائل الفقر والسخاء، التواضع والطاعة، العفة والطهارة.
في مطلع القرن الثالث عشر، في إطار إعادة نشوء المدن ، وازدهار التجارة، كان ينمو عديد الأشخاص اللامبالين نحو حاجات الفقراء.
لهذا السبب، يدعو أنطونيوس مرات عديدة إلى التفكير بالغنى الحق، غنى القلب، الذي يجعل الأشخاص صالحين ورحماء، ويجمع كنوزًا للسماء. كان يحض الناس بالقول:
"أيها الأغنياء، صيروا أصدقاء للفقراء، استقبلوهم في بيوتكم: وسيكون الفقراء هم الذين سيستقبلوكم في المنازل الأبدية، حيث جمال السلام، ثقة الأمن، وغنى هدوء الاكتفاء الأبدي" (المرجع نفسه، ص 29). أليس هذا التعليم هامًا جدًا بالنسبة لنا اليوم أيها الإخوة، حيث تؤدي الأزمة الاقتصادية وعدم الاستقرار إلى إفقار عدد غير قليل من الأشخاص، وتولّد حالات البؤس؟ في رسالتي العامة "المحبة في الحقيقة" أذكر:
"الاقتصاد بحاجة إلى الأخلاق لكي يقوم بدوره على ما يرام، ولا إلى مبادئ أخلاقية مبهمة، بل أخلاق تحترم الشخص البشري" (عدد 45). في اتباعه لمدرسة فرنسيس، يضع أنطونيوس دومًا المسيح في محور الحياة والتفكير، والعمل والوعظ. وهذا بعد آخر يميز اللاهوت الفرنسيسكاني: محورية المسيح. فهو يتأمل بطبية خاطر، ويدعو إلى التأمل بأسرار بشرية الرب، وبشكل خاص، سر الميلاد، الذي يولد مشاعر حب وعرفان نحو الصلاح الإلهي. وكذلك النظر إلى المصلوب يلهمه أفكار عرفان نحو الله واحترام نحو كرامة الشخص البشري، لكي يستطيع الجميع، مؤمنون وغير مؤمنون، أن يجدوا معنى يغني حياتهم. يكتب أنطونيوس: "المسيح، الذي هو حياتك، هو معلق أمامك، لكي تنظر إلى الصليب كمرآة. هناك يمكنك أن تعرف كم كانت جراحك مميتة حتى أن ما من دواء يستطيع شفاءها، إلا دم ابن الله. إذا نظرت جيدًا، يمكنك أن تحدس ما أعظم قيمتك وكرامتك البشرية... ليس هناك مكان آخر يستطيع الإنسان أن يجد فيه قدر قيمته، أكثر من النظر في مرآة الصليب" (Sermones Dominicales et Festivi III, pp. 213-214). أيها الأصدقاء الأعزاء، فليشفع أنطونيوس البادوفاني، المكرم جدًا لدى المؤمنين، بالكنيسة جمعاء، وبشكل خاص بالذين ينكبون على الوعظ.
فليستلهم هؤلاء مثل القديس، وليعتنوا بضم العقيدة الوطيدة والصافية، مع التقوى الصادقة والحارة، ومع تأثير التواصل. في هذه السنة الكهنوتية، نصلي لكي يقوم الكهنة والشمامسة بخدمة إعلان وإحقاق كلمة الله إلى المؤمنين بثبات، وخصوصًا من خلال العظات الليتورجية. فلتكن عظاتهم إيضاحًا فعالاً لجمال المسيح الأزلي، تمامًا كما كان ينصح أنطونيوس:
"إذا وعظت بالمسيح، فهم يذيب القلوب القاسية؛ وإذا استدعيته، فهو يحلّي التجارب المرة؛ وإذا فكرت به فهو ينير القلب؛ وإذا قرأته فهو يشبع الفكر